فصل: قال الشوكاني:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الشوكاني:

{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}.
هذه الآية مشتملة على الإخبار من الله سبحانه بماله من الأسماء، على الجملة دون التفصيل، والحسنى تأنيث الأحسن، أي التي هي أحسن الأسماء لدلالتها على أحسن مسمى وأشرف مدلول، ثم أمرهم بأن يدعوه بها عند الحاجة، فإنه إذا دعي بأحسن أسمائه كان ذلك من أسباب الإجابة، وقد ثبت في الصحيح: «إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة» وسيأتي، ويأتى أيضًا بيان عددها، آخر البحث إن شاء الله.
قوله: {وَذَرُواْ الذين يُلْحِدُونَ في أَسْمَئِهِ} الإلحاد: الميل وترك القصد.
يقال لحد الرجل في الدين وألحد: إذا مال، ومنه اللحد في القبر، لأنه في ناحية، وقرئ {يلحدون} وهما لغتان، والإلحاد في أسمائه سبحانه يكون على ثلاثة أوجه، إما بالتغيير كما فعله المشركون، فإنهم أخذوا اسم اللات من الله، والعزّى من العزيز، ومناة من المنان؛ أو بالزيادة عليها بأن يخترعوا أسماء من عندهم لم يأذن الله بها، أو بالنقصان منها بأن يدعوه ببعضها دون بعض.
ومعنى {وَذَرُواْ الذين يُلْحِدُونَ} أتركوهم ولا تحاجوهم، ولا تعرضوا لهم، وعلى هذا المعنى فالآية منسوخة بآيات القتال، وقيل معناه الوعيد كقوله تعالى: {ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} [المدثر: 11]، وقوله: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ} [الحجر: 3] وهذا أولى لقوله: {سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} فإنه وعيد لهم بنزول العقوبة، وتحذير للمسلمين أن يفعلوا كفعلهم.
وقد ذكر مقاتل وغيره من المفسرين، أن هذه الآية نزلت في رجل من المسلمين كان يقول في صلاته يا رحمن يا رحيم، فقال رجل من المشركين أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون ربًا واحدًا فما بال هذا يدعو ربين اثنين؟ حكى ذلك القرطبي.
وقد أخرج أحمد، والبخاري ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، وأبو عوانة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن منده، وابن مردويه، وأبو نعيم، والبيهقي، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله تسعة وتسعين إسمًا مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة إنه وتريحب الوتر» وفي لفظ ابن مردويه وأبي نعيم «من دعا بها استجاب الله دعاءه» وزاد الترمذي في سننه بعد قوله: «يحبّ الوتر»: «هو الله الذي لا إله إلا هو الرّحمن الرّحيم، الملك، القدّوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارىء، المصوّر، الغفار، القهار، الوهاب، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المعزّ، المذلّ، السميع، البصير، الحكم، العدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشكور، العليّ، الكبير، الحفيظ، المقيت، الحسيب، الجليل، الكريم، الرقيب، المجيب، الواسع، الحكيم، الودود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحق، الوكيل، القوي، المتين، الوليّ، الحميد، المحصى، المبدىء، المعيد، المحيي، المميت، الحي، القيوم، الواجد، الماجد، الأحد، الصمد، القادر، المقتدر، المقدّم، المؤخر، الأوّل، الآخر، الظاهر، الباطن، الوالي، المتعالى، البرّ، التوّاب، المنتقم، العفو، الرؤوف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، المقسط، الجامع، الغني، المغني، المانع، الضارّ، النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور».
هكذا أخرج الترمذي هذه الزيادة عن الجوزجاني، عن صفوان بن صالح، عن الوليد بن مسلم، عن شعيب بن أبي حمزة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعة وقال: هذا حديث غريب.
وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة، ولا يعلم في كثير شيء من الروايات ذكر الأسماء إلا في هذا الحديث.
ورواه ابن حبان في صحيحه، وابن خزيمة، والحاكم من طريق صفوان بإسناده السابق.
ورواه ابن ماجه في سننه من طريق أخرى، عن موسى ابن عقبة، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعًا، فسرد الأسماء المتقدّمة بزيادة ونقصان.
قال ابن كثير في تفسيره والذي عوّل عليه جماعة من الحفاظ أن سرد الأسماء في هذا الحديث مدرج فيه.
وإنما ذلك كما رواه الوليد بن مسلم، وعبد الملك بن محمد الصنعاني، عن زهير بن محمد أنه بلغه عن غير واحد من أهل العلم أنهم قالوا ذلك، أي أنهم جمعوها من القرآن كما روي عن جعفر بن محمد، وسفيان بن عيينة، وأبي زيد اللغوي.
قال: ثم ليعلم أن الأسماء الحسنى ليست منحصرة في التسعة والتسعين، بدليل ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن يزيد بن هارون، عن فضيل ابن مرزوق، عن أبي سلمة الجهنى، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما أصاب أحدًا قط همّ ولا حزن، فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك وأمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي، إلا أذهب الله همه وحزنه، وأبدله مكانه فرجًا» فقيل يا رسول الله ألا نتعلمها؟ فقال: «بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها» وقد أخرجه الإمام أبو حاتم بن حبان في صحيحه بمثله انتهى.
وأخرجه البيهقي أيضًا في الأسماء والصفات.
قال ابن حزم: جاءت في إحصائها، يعني الأسماء الحسنى أحاديث مضطربة لا يصح منها شيء أصلًا.
وقد أخرجها بهذا العدد الذي أخرجه الترمذي، وابن مردويه، وأبو نعيم، عن ابن عباس، وابن عمر قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكراه، ولا أدري كيف إسناده.
وأخرج ابن أبي الدنيا، والطبراني كلاهما في الدعاء، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، وأبو نعيم، والبيهقي عن أبي هريرة: إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة: أسأل الله الرحمن، الرحيم، الإله، الربّ، الملك، القدّوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارىء، المصوّر، الحليم، العليم، السميع، البصير، الحي، القيوم، الواسع، اللطيف، الخبير، الحنان، المنان، البديع، الغفور، الودود، الشكور، المجيد، المبدىء، المعيد، النور، البارىء- وفي لفظ: القائم- الأوّل، الآخر، الظاهر، الباطن، العفوّ، الغفار، الوهاب، الفرد- وفي لفظ: القادر- الأحد، الصمد، الوكيل، الكافي، الباقي، المغيث، الدائم، المتعالي، ذا الجلال والإكرام، المولى، البصير، الحق، المتين، الوارث، المنير، الباعث، القدير- وفي لفظ: المجيب- المحيي، المميت الحميد- وفي لفظ: الجميل- الصادق، الحفيظ، المحيط، الكبير، القريب، الرقيب، الفتاح، التواب، القديم، الوتر، الفاطر، الرزاق، العلام، العلي، العظيم، الغني، الملك، المقتدر، الأكرم، الرؤوف، المدبر، المالك، القاهر، الهادي، الشاكر، الكريم، الرفيع، الشهيد، الواحد، ذا الطول، ذا المعارج، ذا الفضل، الخلاق، الكفيل، الجليل.
وأخرج أبو نعيم عن محمد بن جعفر قال: سألت أبي جعفر بن محمد الصادق عن الأسماء التسعة والتسعين التي من أحصاها دخل الجنة؟ فقال: هي في القرآن، ففي الفاتحة خمسة أسماء: يا الله، يا ربّ، يا رحمن، يا رحيم، يا ملك.
وفي البقرة ثلاثة وثلاثون اسمًا: يا محيط، يا قدير، يا عليم، يا حكيم، يا علي، يا عظيم، يا تواب، يا بصير، يا ولي، يا واسع، يا كافي، يا رؤوف، يا بديع، يا شاكر، يا واحد، يا سميع، يا قابض، يا باسط، يا حيّ، يا قيوم، يا غني، يا حميد، يا غفور، يا حليم، يا إله، يا قريب، يا مجيب، يا عزيز، يا نصير، يا قوي، يا شديد، يا سريع، يا خبير.
وفي آل عمران: يا وهاب، يا قائم، يا صادق، يا باعث، يا منعم، يا متفضل.
وفي النساء: يا رقيب، يا حسيب، يا شهيد، يا مقيت، يا وكيل، يا عليّ، يا كبير.
وفي الأنعام: يا فاطر، يا قاهر، يا لطيف، يا برهان.
وفي الأعراف: يا محيي، يا مميت.
وفي الأنفال: يا نعم المولى، ويا نعم النصير، وفي هود: يا حفيظ، يا مجيد، يا ودود، يا فعال لما تريد.
وفي الرعد: يا كبير، يا متعالي.
وفي إبراهيم: يا منان، يا وارث.
وفي الحجر: يا خلاق.
وفي مريم: يا فرد.
وفي طه: يا غفار.
وفي قد أفلح: يا كريم.
وفي النور: يا حق، يا مبين.
وفي الفرقان: يا هادي.
وفي سبأ: يا فتاح.
وفي الزمر: يا عالم.
وفي غافر: يا قابل التوب، ياذا الطول، يا رفيع.
وفي الذاريات: يا رزاق، ياذا القوة، يا متين.
وفي الطور: يا برّ.
وفي اقتربت: يا مقتدر، يا مليك.
وفي الرحمن: ياذا الجلال والإكرام، يا رب المشرقين، يا ربّ المغربين، يا باقي، يا معين.
وفي الحديد: يا أوّل، يا آخر، يا ظاهر، يا باطن.
وفي الحشر: يا ملك، يا قدّوس، يا سلام، يا مؤمن، يا مهيمن، يا عزيز، يا جبار، يا متكبر، يا خالق، يا بارىء، يا مصوّر.
وفي البروج: يا مبدىء، يا معيد.
وفي الفجر: يا وتر.
وفي الإخلاص: يا أحد، يا صمد.
انتهى.
وقد ذكر ابن حجر في التلخيص أنه تتبعها من الكتاب العزيز إلى أن حرّرها منه تسعة وتسعين ثم سردها فابحثه.
ويؤيد هذا ما أخرجه أبو نعيم، عن ابن عباس، وابن عمر، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لله تسعة وتسعون اسمًا من أحصاها دخل الجنة، وهي في القرآن» وأخرج البيهقي، عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله علمني اسم الله الذي إذا دعى به أجاب، قال لها: «قومي فتوضيء وادخلي المسجد فصلي ركعتين ثم ادعي حتى أسمع»، ففعلت؛ فلما جلست للدعاء قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم وفقها»، فقالت: اللهمّ إني أسألك بجميع أسمائك الحسنى كلها ما علمنا منها وما لم نعلم، وأسألك باسمك العظيم الأعظم الكبير، الأكبر، الذي من دعاك به أجبته، ومن سألك به أعطيته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أصبتيه أصبتيه» وقد أطال أهل العلم الكلام على الأسماء الحسنى حتى أن ابن العربي في شرح الترمذي حكى عن بعض أهل العلم أنه جمع من الكتاب والسنة من أسماء الله ألف اسم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله: {وَذَرُواْ الذين يُلْحِدُونَ في أَسْمَئِهِ} قال: الإلحاد، أن يدعو اللات والعزّى في أسماء الله.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عنه، قال: الإلحاد التكذيب.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في الآية قال: اشتقوا العزّى من العزيز، واشتقوا اللات من الله.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عطاء في الآية قال: الإلحاد المضاهاة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش أنه قرأ {يلحدون} من لحد، وقال تفسيرها: يدخلون فيها ما ليس منها.
وأخرج عبد الرزاق بن حميد، وابن جرير، عن قتادة، في الآية قال: يشركون. اهـ.